19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

فهد التويجري: الشاكر هو من يشكر الله على الرخاء، والشكور هو من يحمده على البلاء

22 نوفمبر 2015

شُّكْرُ النِّعْمَةُ من أجَلِّ وأطيب الصفات التي يجب أن يتصف بها المسلم، وهي من مكارم الأخلاق، فالشكر هو المجازاة على الإحسان، والثناء الجميل على من يقدم الخير، وهو كما يقول العلماء القيد الحافظ؛ لأنه يحفظ النعم الموجودة، ويسمى أيضاً بالجالب لأنه يجلب النعم المفقودة، قال بعض السلف: قيدوا النِعَم بالشكر.

حول موضوع شكر نعم الله وأداء حقها يقول فضيلة الداعية الشيخ فهد بن سليمان التويجري: نحن نرفل في أعظم نعمة ألا وهي نعمة الإسلام والأمن والاجتماع، فهل سنشكر أم نكفر؟ هل نحن بالفعل نظهر شكرنا لما ننعم به أم نخفيه وننكره؟ إن الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه }فَأَمَّا بِنِعْمةِ رَبِّكَ فَحَدِّث{ الضحي:11، أما بعض الناس في أيامنا هذه يجحدون نعم الله، فنجد من ينهى أولاده وزوجته عن التحدث عما أنعم الله عليهم مخافة الحسد، ثم ينشأ كثير من شبابنا لا يدركون عِظم النعم التي يتفيئون ظلالها، والسبب أنهم نشئوا في أُسر تخشى ذكر ما لديهم من فضل ورغد العيش، وللأسف فإننا نجهل أنه ما وقعت الانحرافات السلوكية في بعض شبابنا إلا لأنهم لا يدركون قيمة أنهم يرفلون في نعم لا تعد ولا تحصى، في زمان كثرت فيه البلايا والمحن من حولنا في كل مكان.

يرى الشيخ إن الشكر هو الرضا باليسير وهو إظهار النعمة والفرح بها، وهو الاعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع، وعكسه الكفر بالنعمة، أي نسيان النعمة أو سترها، نجد أن منا من إذا جلس على مائدة أو أكل طعاماً قال: الحمد لله والشكر لله، وهذا حسن؛ ولكن ما هي إلا دقائق حتى يقول: الحياة صعبة، والراتب محدود والبيت ضيق، والجو حار أو بارد، وليس عندي ما عند الناس....الخ، وهذا كفر بالنعمة والعياذ بالله، كثيرٌ منا يقول الحمد لله بلسانه ولكنه في الواقع يكفر بنعم الله، فهو يشكو أحواله للناس وينكر نعمة الله عليه، ما أن يجلس في مجلس أو يذهب لأحد إلا ويشكى حاله مع أنه يأكل ويهنأ وينام آمنا قرير العين، في حين أن الناس من حولنا يتخطفون، يقبض مالاً ويسكن داراً وبعضنا يملك أكثر من ذلك، وكثير من حولنا يهيمون في العراء، يقول الله سبحانه {..وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (13) سورة سبأ.

فالشاكر من يشكر على الرخاء، والشكور من يشكر على البلاء، وأما منزلة الشكر، فإن الله قارن الشكر بالإيمان، وأخبر أنه لا غرض له في عذاب خلقه إن شكروا وآمنوا لقوله تعالى {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} (147) سورة النساء، كما أنه سبحانه اشترط مزيد الرزق بمزيد الشكر لقوله {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (7) سورة إبراهيم، وجعل الله سبحانه الشكر هو الغاية في خلقه فقد قال عز وجل {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (78) سورة النحل.

من ناحية أخرى يرى الشيخ أن الشكر هو أعلى منازل السالكين، وأوضح أن للشكر عدة قواعد منها: الخضوع، أن يخضع الشاكر للمشكور (أن يخضع العبد لربه) لأنه لا يسمى عبداً شاكراً لله وهو متكبر عن طاعته، ثم الحُب، أن يحب الشاكر ربه المشكور، وأن يعترف بنعم الله أي يبثها ويذكرها ولا يتناساها، وكأنه يكفر بنعمة الله، ثم بعد ذلك الثناء على الله سبحانه بها، وألا يستعمل النعمة فيما يُغضب الله، والشكر في ذاته كما يقولون هو الحافظ؛ لأنه يحفظ النعم الموجودة، ويسمى أيضاً بالجالب لأنه يجلب النعم المفقودة، فقيدوا نعمكم بالشكر.

وللشكر أنواع يعددها فضيلة الشيخ وهي: شكر القلب، وهذا قد يخفى على كثير من الناس أن القلب يشكر كما أن اللسان والجارحة تشكر، أما شكر القلب فهو تصور النعم على حقيقتها وأنها نعم من الله.


ثانيا شكر اللسان، وهو تكرار الحمد والثناء على المنعم، ثالثا: شكر الجوارح، مكافأة النعم بقدر استحقاقها، كالصلاة والصيام والقيام وفعل الطاعات، وكزيارة مراكز التأهيل والمشافي، ومساعدة ذوي الابتلاء الذين حرموا من بعض النعم الحسية والجسمانية.

ومن سبل شكر الله أيضا شكر الناس لقول النبي - عليه الصلاة والسلام - ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس) رواه البخاري وأحمد وصححه الألباني، وأولى الناس بشكرك هما والديك، من كانا سبباً في وجودك، قال تعالى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} سورة لقمان:14.

كما أن من شكر الله كما يقول الشيخ التويجري؛ الحكم بشرع الله، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن نسُد الخلل، ونستر عورة الآخرين، وأن نأخذ بيد المقصر، أن ننهض بالمجتمع، وأن نبذل الخير، ونتعاون على البر والتقوى، ونؤدي حق الله في عباده، وبإذن الله تعالى لن نهلك بإذن الله وفينا الشاكرون والمصلحون.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت