20 سبتمبر 2024 | 17 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

رئيس المركز الإسلامي في الإكوادور: بلادي لا تعرف الاضطهاد الديني..والإسلام يحظى باحترام كبير

25 مارس 2012
  • أمريكا اللاتينية تعاني خواء روحيا وشعوبها مهيأة لاستقبال الإسلام
  • معظم المسلمين الذين توطنوا في الإكوادور من التجار وكانوا قادمين من بلاد الشام ومصر
  • قوانين بلادي تسمح بحرية الأديان والعقائد والمركز الإسلامي يمارس أنشطة إسلامية واجتماعية وثقافية وتربوية

أكد رئيس المركز الإسلامي في الإكوادور يحي خوان سوكيليو أن دستور بلاده ينص علي الحرية الدينية، ولا يوجد أي سبب يمنع نشر الدعوة الإسلامية بشكل علني، وأن بلاده لا تعرف الاضطهاد الديني أو العدوانية الدينية، كما أن الإسلام يحظى بالاحترام ولا توجد أية حملات معادية لتشويهه كما في أوروبا والولايات المتحدة، مؤكدا أن أمريكا اللاتينية تعاني خواء روحيا وشعوبها مهيأة لاستقبال الإسلام.

وقال خوان سوكيليو إن معظم المسلمين الذين توطنوا في الإكوادور كانوا من التجار وقدموا من بلاد الشام ومصر ثم توالت إلهجرات، موضحا أن قوانين بلاده علمانية وتسمح بحرية الأديان والعقائد والمركز يمارس جميع نشاطاته الإسلامية والاجتماعية والثقافية والتربوية، وفي هذا الحوار رصد سوكيليو قصة إسلامه وأوضاع المسلمين، وتحدث عن مستقبل الإسلام وفيما يلي نص اللقاء :

كيف دخل الإسلام إلى الإكوادور؟

* إذا أردنا أن نؤرخ لدخول الإسلام إلي الإكوادور.. فكيف كانت البدايات وكيف تطورت ؟

** في أواخر القرن التاسع عشر جاء أوائل المسلمين إلي الإكوادور قادمين من بلاد الشام ومصر ، كما شهد مطلع القرن العشرين هجرة إسلامية ملحوظة ، حيث كان المسلمون المهاجرون يبحثون عن حياة جديدة في فترة ما بين الحربين العالميتين ، ودخل هؤلاء البلاد بجوازات تركية ،لأن بلادهم كانت خاضعة للدولة العثمانية ، فعرفوا بالأتراك .

وسكن المسلمون الأوائل في العاصمة كيتو ومدينة غواياكيل وهي أكبر ميناء بحري علي المحيط إلهادئ وسكن بعضهم صوب الساحل بالقرب من مقاطعات منابي ، ولوسريوس ، وازميرلدا، وكان يجذبهم السلام وإلهدوء اللذان كانت تنعم بهما البلاد بالإضافة إلي الروابط الأسرية في المجتمع التي كانت تذكرهم بمجتمعاتهم العربية .

وكانت الغالبية العظمي من المسلمين الذين توطنوا في البلاد من التجار، إذ كان الاقتصاد الإكوادوري في مطلع القرن الماضي يرتكز في غالبيته علي تبادل السلع والبضائع ، وكان العقدان الأولان قاسيين علي المسلمين في هذه البلاد ، فلقد كانت وسائل تنقلاتهم بين القرى والمدن بهدف المتاجرة هي الحمير والبغال، وتوالت هجرات المسلمين، وبعضهم استقر في الإكوادور ، والأغلب هاجروا إلي كندا وأمريكا، ولم يتركوا أثراً يذكر للإسلام .

مسلمو الإكوادور

* لكن ماذا عن المسلمين من أصل إكوادوري ؟ وكم تبلغ نسبة المسلمين في الإكوادور ؟

** في منتصف الثمانينيات اعتنق رجلان بارزان من الإكوادور الإسلام تأثرا بمسلك بعض المسلمين الصالحين، وهما يتابعان دراستهما في ايطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ، وكانا قد أعجبا بالإسلام وتعاليمه الداعية إلي السلام والأمن واحترام الآخر وإنصاف المرأة إلي غير ذلك ، وقاما بتأسيس جمعية إكوادورية مسلمة ، ولقد أضحت عائلات هؤلاء مسلمة ، وخلال هذه الفترة تجاوز عدد المتحولين للإسلام العشرات ، وبحلول عام 2004 م كانت قرابة مائة شخص قد اعتنقوا الإسلام ، وبنهاية عام 2005 م توقعت الإحصائيات أن يدخل في الإسلام حوالي 500 من سكان العاصمة كيتو ، وربما العدد نفسه من سكان جواياكيل.

أما نسبة المسلمين في الإكوادور فهي لا تتعدي 1% من مجمل السكان، وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم بلدان أمريكا اللاتينية .

وتجدر الإشارة إلى أن النساء الإكوادوريات المسلمات تبلغ نسبتهن أكثر قليلا من نصف عدد السكان المسلمين الكلي ، وحوالي 90 % من النساء هن من أصل إكوادوري .

وتعتبر النساء المسلمات في أمريكا اللاتينية مثالا للمجموعات المنظمة التي اختارت الإسلام منهجا للحياة ، فالكثير منهن تركن ديانتهن الأصلية نظرا لشعورهن بمزيد من الاحترام والأمان في الإسلام ، ومن مظاهر فهمهن للإسلام التزامهن بالزي الإسلامي الشرعي ، فحوالي 97% منهن ترتدين الحجاب .

وتعقد جمعية المسلمات الإكوادوريات دروسهن الدينية كل يوم جمعة بعد الصلاة حيث تقدم التوجيهات والإرشادات الإسلامية، كما تقدم دروسا لتعليم اللغة العربية خلال أيام السبت .

قضية الموت

* بعد أن ناقشنا الشأن الإسلامي العام .. نريد أن نتعرف على تجربتك الخاصة و كيف كانت مقدمات إسلامك ؟

** في عام 1981 م كنت ضابطا في الجيش الإكوادوري ، وأثناء الحرب التي وقعت بين دولتي الإكوادور والبيرو بسبب النزاع حول النفط ، فقدت ذراعي علي اثر انفجار عنيف، وكان عمري وقتها 21 عاما، وحينما فقدت ذراعي شعرت بنهاية الأجل، وبدأت أفكر بشكل تلقائي في قضية الموت، وكيف سألقى رب العالمين ، وكانت فكرة الخوف من الموت وصعود الروح تسيطر على بشكل كبير، لأنني كنت قريبا من الموت، حيث نقلت إلى المستشفى في حالة حرجة ، وسبب خوفي أنني كنت غير مستعد للقاء الله ، فعلاقتي به سبحانه وتعالى غير جيدة، ولم يسبق هذه اللحظة الفارقة في حياتي توبة ، ولم تكن التعاليم الكاثوليكية تحفز إلى إلهداية وإتباع السلوك القويم.

ومن هنا بدأت أفكر وأتساءل عن عدم وجود علاقة جيدة مع الرب وما إذا كان يعود إلي عيب في شخصي وقصور ذاتي أم أن هناك سببا آخر لم أدركه.

قصتي مع شباب الكويت والسعودية

* كيف واصلت رحلة البحث عن الدين الإسلامي، وماذا عن اللحظة الفارقة في حياتك التي قادتك إلي الإسلام ؟

** بعد أن استشكل علي الأمر وألحت عليّ تساؤلات عديدة، واصلت مسيرة البحث عن الدين الحق، وقدمت استقالتي من الجيش ، وقررت الذهاب إلي الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية في إحدي جامعات ميتشجان، وكان هدفي الرئيس من الدراسة اكتساب لغة جديدة تفتح لي آفاق التعرف علي الدين الحق، وهناك التقيت بطلاب من كل دول العالم كاليابان وكولومبيا والدول العربية والإسلامية، وواصلت رحلة البحث عن الدين الحق الذي يجيب عن أسئلتي، حيث ظللت أتنقل لمدة 6 شهور بين دور العبادة غير الإسلامية من دون جدوى!!.

وشاء الله تعالي أن التقي في الجامعة ثلاثة شباب مسلمين مازلت أذكر أسماءهم، وأتواصل معهم وهم إبراهيم الصقير من السعودية وعبد الله الصلال وعبد الله عبد الرحمن الجاسر من الكويت، وكانوا على درجة كبيرة من الالتزام بالأخلاق الرفيعة، وقد لفت ذلك انتباهي، وذات يوم سمعت الأخ إبراهيم يقدم تعريفا عن الدين الإسلامي ، وجذبني هذا الحديث خاصة أنه تحدث عن وحدانية الله تعالي ، وبعد أن انتهي من حديثه وجهت إليه سؤالا مفاده كم إله عندكم في الدين الإسلامي ؟! واستطردت قائلا : أنت تقول عندنا إله واحد ، فكم إله في هذا الإله الواحد، فقال إله واحد لا شريك له وأكد ذلك غير مرة ، وراح يشرح لي ذلك ويبرهن عليه، وكنت لأول مرة أسمع في حياتي عن دين تقول عقيدته إن الله واحد لا شريك له، وشعرت أن هذا هو الدين الحق الذي ابحث عنه، وقد تلقيت ذلك بارتياح شديد ونفس مطمئنة لأنني منذ أن وقع الانفجار وبترت ذراعي، وأنا أفكر في أن الله واحد، ثم سألته عدة أسئلة عن الإسلام وعقيدته، من بينها من أين تستمدون هذه الأخلاق الرفيعة والإنسانية العالية التي تتعاملون بها فيما بينكم ومع غير المسلمين، فأجابوني: إن هذه أخلاق وتعاليم الإسلام، فطلبت منهم أن أذهب معهم للمسجد من باب الزمالة التي تربطني بهم والفضول في معرفة المزيد عن الإسلام، وبالفعل ذهبت إلي المسجد، ولأول مرة أري في حياتي أناسا يصلون في صفوف متراصة ومنضبطة وأن الصلاة في الصف الأول لأسبقية الحضور للمسجد، وليست لذوي الجاه والسلطان، أحببت هذا المشهد الرائع ، وجلست خلف الصفوف وهم يصلون، وبينما هم في السجود، وأنا أتتبعهم حركة بحركة، خفق قلبي عندما سجدوا لله تعالي وتزايدت نبضاته، وبعد أن فرغوا من أداء الصلاة ، طلبت من زملائي أن أذهب معهم إلي بيتهم فرحبوا بذلك، وهناك عبرت عن رغبتي في اعتناق الإسلام، وبالفعل أشهرت إسلامي ، وعندئذ شعرت بسعادة غامرة فقد وجدت ضالتي، حتى أنني كنت أبكي من شدة الفرح ، وحمدت الله على فقدان ذراعي فهو السبب في هدايتي ، وبعد أن درست علوم الإدارة في جامعة ميتشجان، عدت للإكوادور، وقد أصبحت لدي خلفية جيدة عن الإسلام، وبدأت في البحث عن مسلمين ومراكز إسلامية فلم أجد .

ما بعد إسلامي

* وماذا عن المرحلة التالية مباشرة لإشهار إسلامك، وكيف استقبلت أسرتك الخبر؟ وكيف واصلت مسيرة التعرف على الدين الجديد ؟

** لم أجد أية معارضة من والدي ، فقد قالا لي أنت حر في اختيار عقيدتك، و أنت مازلت ابننا ولن نتخلى عنك، مكثت بعد إسلامي شهرا واحدا في الإكوادور، ثم التحقت بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، وهناك درست أصول الدين والحديث والقرآن الكريم، ولأن بلدي لم يكن بها مسلمون ، فقد التقيت في الجامعة بصديق من مدينة قريبة من المكسيك ، وأخبرني انه يعرف أسرة مسلمة في الإكوادور ، وأن زوجته لها صديقة في هذه الأسرة، وهي أسرة متدينة ، وبعد عودتي إلي الإكوادور بحثت عن هذه الأسرة ، والتقيت بها وتزوجت منها وهي أسرة من أصل لبناني ، وعشت بعد ذلك في ظل الإسلام أسعد أيام حياتي حتى أنني كلما نظرت ليدي المبتورة حمدت الله علي ذلك وتمنيت لو بترت في وقت مبكر من حياتي ، لكن إيماني بان اعتناق الإسلام بصدق يجُب ما قبله يبعث في نفسي الطمأنينة والسكينة .

* كيف بدأت نشاطك الإسلامي في الإكوادور ؟

* في عام 1994 أسسنا أنا وزوجتي مسجدا عرف بمسجد السلام، حيث كنا نمتلك بيتا من 3 طوابق ، فهدانا تفكيرنا إلي إزالة الحوائط الداخلية من الدور الأول وجعلناه مسجدا، كما أسسنا المركز الإسلامي في الإكوادور، ويعتبر مسجد السلام أول مسجد مرخص من حكومة الإكوادور ، حيث أن قوانين البلاد علمانية وتسمح بحرية الأديان والعقائد، ومنذ ذلك الحين بدأ المركز ممارسة نشاطاته الإسلامية والاجتماعية والثقافية والتربوية.

مستقبل الإسلام

* وماذا عن مستقبل الإسلام في الإكوادور بصفة خاصة وأمريكا اللاتينية بصفة عامة ؟

** لابد إن نؤكد أولا أننا نعيش في بلاد ينص دستورها علي الحرية الدينية ، ولا يوجد أي سبب يمنع نشر الدعوة الإسلامية بشكل علني في البلاد ، خاصة أن بلادنا لا تعرف الاضطهاد الديني أو العدوانية الدينية ، كما أن الإسلام يحظى بالاحترام ولا توجد أية حملات لتشويهه كما في أوروبا والولايات المتحدة ، ويمكن للدعوة الإسلامية أن تحقق أهدافها بشكل مؤثر من خلال المشاركة في البرامج التليفزيونية الإذاعية وإلقاء المحاضرات العامة في المدارس والجامعات ، وخلاصة القول أن الظروف الآن مهيأة في أمريكا اللاتينية لاستقبال الإسلام لأن الناس تعاني خواء روحيا، وتريد من يأخذ بأيديها خاصة مع تراجع معتنقي الكاثوليكية .

وفقنا الله لصالح القول والعمل، وفي الختام لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل لرئيس المركز الإسلامي في الإكوادور/ يحي خوان سوكيليو ، لما تفضل به علينا من علمه الوفير راجين المولى تبارك وتعالى له دوام الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت