19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. موفق الغامدي: ذكر الله هو مفتاح السعادة والطمأنينة

22 يوليو 2018

إن ذكر المولى تبارك وتعالى يعد من أَجَلّ الأعمال، وخير الخصال، فالذاكرون هم السباقون في ميدان السير إلى الله، يتقلبون في رياض رحمته، وينعمون بفيض رضاه ومحبته.
حول فضل الذكر تحدث فضيلة الدكتور موفق كدسة الغامدي، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبدالعزيز، مؤكدا أن الذكر من أعظم العبادات، وأيسر القربات، التي لا تنفك عنا في ليل أو نهار، ولا في حل أو ترحال، ولا في منشط ولا في مكره، وبرغم سهولة التعبد بذكر الله، إذ أنه لا يتطلب مجهودا ولا تفرغا، ويستطيع كل مسلم أن يمارسه بلسانه أو بقلبه في أي مكان وزمان، إلا أن الصعوبة تكمن في المداومة والاستمرار، فلدينا في حياتنا أوقات تضيع هدرا دون أن ننتبه لها، كالأوقات ما بين الصلوات، وما بين النشاطات اليومية الاعتيادية، هذه الأوقات إذا لم تستغل في ذكر الله قد تضيع منا بالغفلة، بل إن المسلم قد ينال في هذه الأوقات أجورا لا تخطر على قلب بشر ولا يعلمها إلا فاطر السماوات والأرض.
ولقد أحيطت هذه الطاعة بنصوص كثيرة وجليلة، يقول ربنا سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:41-42]، ويقول عز من قائل: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال]، ويقول في موضع آخر: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]، وهكذا، فلا عبادة تعادل الذكر في فضله وأثره، كما أن كتب الشمائل المحمدية لم تذكر أي فعل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله إلا وكان يربطه بالذكر، من أول لبس الثوب، وتناول الطعام، وحتى السفر وتنظيم شؤون الدولة، بل أنه صلى الله عليه وسلم شبه الذاكرين الله تشبيها بليغا حين قال في الحديث الذي رواه البخاري: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت".
إن الذكر نعمة كبيرة، فما من شيء في الكون إلا ويذكر الله، كل الموجودات بلا استثناء تذكر المولى تبارك وتعالى بشكل متواصل؛ {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:44]، لكن العجيب أن نجد من يزهدون في عبادة الذكر وهم ليس لديهم ما هو أفضل منها كي يقبلون عليه، يضيعون على أنفسهم أجرا عظيما، ويحرمون أنفسهم من الحماية والوقاية من كل ما يؤذي، فكما أن العبد يتحصن بذكر الله من نزغ الشيطان؛ {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [فصلت: 36]، هو أيضا يتحصن بالأذكار اليومية من كل ضر أو أذى قد يصيبه من الناس.
ويعود فضيلة الشيخ ليؤكد على أن الذكر أجره وفير، فكأنما هو بطاقة صراف لا تنضب أموالها أبدا، أينما وكيفما ذكرت الله تنال حسناتك فورا وفي الحال، والحديث يقول "الحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والله أكبر تملآن ما بين السماء والأرض" [رواه الترمذي]، من هنا نجد أننا أمام عبادة لا تقدر بثمن، ولا ينبغى التهاون فيها أو التغافل عنها، ولذلك يقول عنه بعض العلماء : "أوله كلفة وآخره ألفة"، حينما يألفه المرء ويعتاده يصبح مثل التنفس، يمارسه الإنسان تلقائيا بلا عناء أو تكلف.
من أجل هذا، ينبغي على كل مسلم أن يجعل للتسبيح والاستغفار ورد يومي، وألا يفوت لحظة إلا ويذكر الله فيها قدر ما يستطيع، سواء في السيارة، في المصعد، في البيت، أو حتى وهو يعبر الطريق، ونحن بحمد الله ومنته لدينا في ديننا بستان مليء بالأذكار يتخير منه الإنسان ما يشاء، فعفو الله ومغفرته يرتبطان بالذكر، والرزق كذلك مرهون بالذكر، ومفتاح السعادة واطمئنان القلوب هو الذكر مصداقا لقوله سبحانه جل شأنه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} [الرعد:28]ُ.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت