19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. محمد زايد العتيبي: على المُقَصِّر أن يتدارك نفسه فيما بقي من شهر رمضان

03 يونيو 2018

ما أسرع مرور الأيام ومُضِيّ الأوقات، هذه أيام العتق تنقضي يوما بعد يوم متسارعة، وهذا شهر الرحمة والغفران يوشك أن يقول وداعا، قد أفلح فيه أناس عرفوا قدره، وأحسنوا استقباله، فكانوا من صُوَّامِهِ وَقُوَّامِهِ، وأروا الله من أنفسهم خيرا، وقدموا بين يدي مولاهم ما يجدونه عنده سبحانه في الغد القريب.
   فضيلة الدكتور محمد زايد العتيبي، الداعية والقارئ، تحدث عما ينبغي على المسلم تداركه عند انقضاء النصف الأول من رمضان المعظم، مؤكدا أن العبرة بالخواتيم، وبكمال النهايات، وليست بنقص البدايات، فإذا كان ضيفنا الكريم يلملم أوراقه استعدادا للرحيل، إلا أن من نعم الله عز وجل على عباده أن جعل ما في آخر هذا الشهر هو أفضله، وأكثره كرما وبركة، وهذا من رحمة الله بنا، حتى لا يقول من قصَّر وفرط: "فاتني الأوان"، لا لم يفت، ما بقى من أيام الشهر أفضل وأعظم؛ العشر الأواخر وليلة القدر، ليلة هي بمفردها خير من ألف شهر، والعمل الصالح فيها أفضل وأعلى في الأجر من عمل ثلاث وثمانين سنة، وحسبنا ما قاله ربنا جل وعلا عن تلك الليلة المباركة حين سماها ليلة "القدر" لعِظَمِ قدرها، ولأنها تُقَدَّر فيها الأمور التي ستحدث في السنة المقبلة، {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:3-5]، ولقد ذكر المفسرون أن الملائكة تتنزل في هذه الليلة المباركة لتنظر إلى العُبَّاد والمصلين، وقيل أنها تتنزل بالرحمات على عباد الله.
 ولعِظَمِ قدر الليالي العشر كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها أكثر مما يجتهد في غيرها، تقول عنه السيدة عائشة رضي الله عنها: "كان النبي إذا دخلت العشر شد المئزر، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". هذا الحديث فيه لفتة وإشارة في غاية الأهمية؛ تشير إلى أن الإنسان ينبغي أن يعتني بأهله أيضا، لا بنفسه فقط، ويذَكِّرهم بهذه الليالي، وبعظم الأجر والثواب فيها، لأن كلنا راع، وكلنا مسؤول عن رعيته، والله من قبل ذلك يقول:  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6]، وعلى ذلك، فكل أمرء مطالب بأن يقي أهله أيضا، بأن يأمرهم وينهاهم ويرشدهم، ومطالب بالنصيحة والبيان والتذكير، بأن يؤدي ما عليه تجاه أهله وذويه، والهداية من عند الله عز وجل.
من أجل هذا يقول فضيلة الشيخ العتيبي أن ما بقي من الشهر هو أعظم وأجل مما مضى، وذلك من رحمة الله عز وجل بنا جميعا، فعلى المُقَصِّر أن يتدارك نفسه، ويعلم أن العبرة بالخواتيم، وأن أفضل ما في الشهر أواخره.
 ومن ناحية أخرى، على المجتهد أن يزيد في اجتهاده، فلا يفتر ولا ينقص، كم من إنسان قضى أجله ولم يدرك الشهر؟
فليستشعر كل منا أن رمضانه هذا هو آخر عهده برمضان في الدنيا، وليجعل هذا الأمر مدعاة للجد والحرص، وبذل المزيد من الجهد، عسى الله أن يتقبل منا جميعا صالح الأعمال.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت