19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. عزيز العنزي: للنصيحة آداب وشروط حتى تؤتي ثمرتها المرجوة

03 يوليو 2018

إن للنصيحة أهمية كبيرة في شريعتنا السمحة، فهي منهاج الأنبياء والمرسلين، وطريقة أهل الإيمان والدعاة لدين الله، كما أن للتناصح دور اجتماعي وتربوي في المجتمع؛ حيث أنه يقضي عل جملة من الأمراض الاجتماعية، لأن من يحمل لواء النصح نجد أن أخلاقه بعيده كل البعد عن الغيبة والنميمة وتصيد الأخطاء وما شابه ذلك من السلوكيات المذمومة.
حول مفهوم وآداب وشروط النصيحة تحدث فضيلة الدكتور عزيز بن فرحان العنزي، الداعية والمحاضر، مؤكدا أنه من الواجب على المسلم ألا ينكفئ على ذاته، أو ينعزل عما يحيطه من أحداث ومستجدات، بل ينبغي عليه أن يهتم لأمر إخوانه وأمته، ولا يدخر وسعا في تقديم النصح لمن يحتاجه، فأي إنسان معرض أن تصيبه غفلة، أو تغلب عليه شهوة، أو تطرأ عليه شبهة، حينئذ سيكون في أمس الحاجة لمن يمد له يدا لينقذه من موارد التهلكة، وأن يصحح له المسار، ويقدم له النصح حتى يستعيد رشده ويرجع إلى صراط الله القويم.
والنصح بركاته كثيرة، وفوائده عديدة ومتتابعة على المسلمين في كل زمان، ولأننا بشر خطاؤون، فجميعنا قد نتعرض للزلل، وما من أحد إلا وقد يقع في خطأ أو تقصير، حينئذ يكون في حاجة إلى ناصح أمين يرشده إلى الصواب، في مثل هذه الأجواء تنشأ المجتمعات الصالحة، التي كلما اتسعت فيها دائرة النصيحة، اتسعت بدورها دوائر الخير والعون والمشاركة، وبرزت فيها نماذج مشرقة من الناس؛ كالذي أصبح عابدا أو عالما بفضل نصيحة قيلت له من أخ اهتم لأمره ذات يوم، أو آخر سلك طريقا قاده للنجاح والتميز بسبب نصيحة تلقاها بقبول حسن، وقد نجد من ترك مفسدة أو منكرا من المنكرات في أعقاب موعظة طيبة قيلت له برفق ومودة خالصة، وهكذا الأمثلة أكثر من أن تحصى، الشاهد أن النصيحة تفتح بابا للخير في الدنيا والدين بإذن الله جل وعلا.
إن ديننا الحنيف يريد مسلما فاعلا، مؤثرا، معطاءا، ينصح ويبذل، ويشارك الناس في الأفراح والأتراح، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بمعنى أنه لا يجوز للمسلم أن يكون أنانيا، لأن كل فرد في المجتمع مسؤول بشكل جزئي عن قضايا المسلمين، سواء قضاياهم الدينية أو الدنيوية.
غير أنه لابد وأن يعلم الناس أن النصح لا يجوز بأية حال أن يكون بغلظة أو فظاظة، فللنصيحة آداب وشروط، من بينها:
أولا الإخلاص لله عز وجل، فالنصيحة في ذاتها عبادة، وأي عبادة لابد وأن تكون خالصة لله عز وجل.
الأمر الثاني أن تكون النصيحة برفق، وبقدر من اللين، وانتقاء أطيب العبارات والألفاظ، دون فظاظة أو تعالي على المنصوح، ولذلك ربنا جل وعلا قال عن النبي: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]، فالناس لا يتحملون الغلظة ولا الصلف حتى ولو كانا في سبيل النصح والموعظة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ) [أخرجه أحمد]، نجد بعض الناس ينصح بشيء من التعالي والسلطوية، وهذا خطأ، لأنه ينفر المنصوح ويعطي أثر عكس المقصود به، فهناك من الكلمات ما يفتح مغاليق القلوب، وعلى العكس من ذلك، هناك من العبارات الخشنة ما يبني حاجزا وعائقا أمام التواصل بين الناس.
ثالثا السرية في النصيحة، فلا يليق بالمسلم أن ينصح أخاه جهرة أمام الملأ، ومن يفعل ذلك فهو يبوبخه ويفضحه، لا ينصحه، إن احترام الخصوصية يحقق الفائدة المرجوة من النصيحة، ويحفظ كرامة المنصوح أمام الناس.
وفي النهاية يؤكد الشيخ أن ليس على الإنسان إلا الموعظة الحسنة، لكن القبول والهداية هي من عند الله وحده،{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} [البقرة:272].

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت