23 نوفمبر 2024 | 21 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. عبد الله المنيع: علينا أن نحسن الزرع في الدنيا حتى نحصد النعيم في الآخرة

19 نوفمبر 2017

إن عبادة التفكر من أعمال القلوب العظيمة، قيل فيها أنها مفتاح الأنوار ومبدأ الإبصار، و مسلك العلوم والفهوم، ولقد كانت عبادة التفكر دأب النبي صلى الله عليه وسلم منذ تحنثه وهو شاب في غار حراء، وظل ذلك ديدنه حتى لحق بالرفيق الأعلى.
حول إعمال التفكر والتدبر في نعم الله وفضله على العالمين تحدث فضيلة الدكتور عبدالله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي بالمملكة العربية السعودية، مؤكداً أن الله تبارك وتعالى كرم الإنسان ومنّ عليه بنعم لا تحصى، من أعظم هذه النعم أن آثره بأن خلقه بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه سبحانه، وزيادة في رفعة مقامه عند ربه فقد أمر الملائكة بالسجود له، وهذا لم يكن ولم يحدث لأيٍ من مخلوقات الله، ثم بعد ذلك رزقه نعمة العقل، الذي به يستطيع أن يعرف الحق من الباطل، وأن يميز النافع من الضار، وأن يكون له من التفكر والتدبر ما يصل به إلى السعادة التي ينشدها.
ويتابع فضيلة الشيخ: إن الله جل وعلا حينما خلق الإنسان لم يخلقه على سبيل العبث، وإنما خلقه لحكمة ذكرها سبحانه في قوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾الذاريات:56، فربنا جل وعلا ذو فضل على العالمين، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، فهو غني حميد ونحن الفقراء إليه، من أجل هذا ينبغي على الإنسان أن يعرف قدر ربه، وأن يعبده حق العبادة.
ومن امتداد فضل الله على عباده أنه لم يهملهم، فحين وجد للإنسان عدو يبذل جهداً في سبيل غوايته، إلا أن الله من واسع رحمته وفضله أرسل رسلا وأنزل كتبا من أجل توجيه الإنسان وتبصرته، ومساعدته في أن يتغلب على كيد الشيطان، وأن ينجو من حبائله.
لو تأملنا تاريخ كل هذه الأمم التي تتابعت من عهد نوح عليه السلام إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم، لوجدنا أن الأقوام اختلفت وتباينت في أحوال خلقها وتطور حياتها، ما بين مؤمن وكافر، وما بين معاند وجاحد، أو طائع ومتبع، إلا أن ربنا جل وعلا فضلنا نحن على كثير ممن خلق، حينما وجه الخطاب إلينا معشر المسلمين في قوله :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ آل عمران:110، كذلك حين خصنا برسول كريم، من بني جلدتنا ومن قومنا، اصطفاه ربه وجعله سيدا على جميع أنبيائه ورسله، وآتاه البينات والدلائل التي تدل على صدق رسالته، وأنزل عليه هذا الفرقان العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بما فيه من البيان والتدبر، والتوكيد والتوجيه والعظة، وحين أتم كامل فضله على هذه الأمة بأن حفظ لها القرآن من التحريف والتبديل، فكلنا نعلم أن الكتب السابقة لم تسلم من التحريف والتغيير وتدخل أشقياء البشر على امتداد التاريخ.
ويضيف الدكتور المنيع: لقد فضل الله أمة الإسلام على سائر الأمم، كما فضل نبينا على سابق الأنبياء والرسل، ولا شك أننا أمام نعم عظيمة، لذا ينبغي علينا أن نقدر ونتأمل هذه النعم المتتابعة، وأن نجتهد لنصل إلى مرتبة الربانيين، فمن هم الربانيون؟ يقول الدكتور عبدالله :
الرباني هو العارف بالله عز وجل والقريب منه، المرتقي بروحه، وذو القلب العامر بالإيمان، المتعفف عن شهوات الدنيا، الربانيون هم أصحاب القلوب المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، الذين يظهر أثر ذلك التعلق وذلك الالتزام في اخلاقهم ومعاملاتهم مع الناس؛ من صدق وأمانة، وبر وحكمة وتراحم.
والوصول الى مرتبة الربانية يتأتى من خلال أداء الشعائر والعبادات، من ذكر وصلاة وصيام وتفكر، فبأنوار تلك الطاعات يهتدي كل مؤمن، فهي تحمل صاحبها على حب الخالق وتعظيم جنابه.
من أجل هذا علينا أن نجتهد في إعمال عبادة التفكر، وأن نحمد الله أن هدانا للإيمان فلم نكن لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأن نحسن الزرع في هذه الحياة الدنيا لنحصد النعيم والسعادة في الدار الآخرة. 
 

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت