20 سبتمبر 2024 | 17 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. المرصفي: حب الوطن شعور إنساني فطري زاده الإسلام تأكيدا وعمقا

18 فبراير 2014

**ليس من الوطنية الحقة خيانة الأمانة أو خيانة المسؤولية أو ظلم الآخرين

**تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث على حب الوطن وإعلاء مصلحته العليا والعمل على نهضته

** ليس من حب الوطن زرع الفتن بين أبنائه ونشر ثقافة الكراهية والمناطقية والمذهبية

**ليس من حب الوطن إشاعة الفوضى وقطع الإشارات المرورية وترويع الآمنين ونهب الممتلكات

 

يرتبط الإنسان بوطنه نشأة وحياة وتعليما وعملا، ففي كل مرحلة من حياته له ذكرى طيبة مع وطنه حيث نشأ على أرضه، وشب على ثراه، وترعرع بين جنباته، وتعلم في مدارسه وجامعاته وعمل في مؤسساته وأكل من خيراته.

 ورغم أن المناسبات الوطنية كثيرا ما تستجيش في النفوس معاني الانتماء وقيمه، إلا أن الاحساس بهذه المعاني ليس مقصورا على أوقات محددة أو مناسبات بعينها، لأن عطاء الوطن للإنسان لايتوقف عند فترة زمنية محددة وإنما يمتد طولاً وعرضاً وعمقاً ليشكل الجانب الحياتي والواقعي للإنسان.

إن حب الوطن شعور إنساني فطري راق زاده الإسلام تأكيدا وبصيرة وعمقا - كما يؤكد ذلك العالم الأزهري د.سعد المرصفي – حيث يشعر الإنسان بالحنين الصادق لوطنه عندما يغادره إلى مكان آخر، وفي ذلك دليل على قوة الارتباط وصدق الانتماء.

  والدكتور المرصفي واحد من العلماء الذين كتبوا حول مكانة الوطن في الإسلام، وواجب المواطن نحو وطنه انطلاقا من أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحُث على حب الأوطان؛ وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه ، فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ (رضي الله عنهما ) أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة :" ما أطيبكِ من بلد ، وأحبَّكِ إليَّ ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ ".

الإنسان والوطن

 ويرى د. المرصفي أنه إذا كان الإنسان قد تأثر بوطنه الذي ولد فيه، ونشأ على ترابه، وعاش من خيراته، وتشكل علمه ووعيه في مدارسه ومؤسساته، فإنه أصبح مدينا لوطنه بأن يكون على مستوى المسؤولية، عضوا صالحا منتجا فعالا في خدمته، حريصا على أمنه واستقراره، داعما للحمته الوطنية وفاء وحبا لوطنه.

وإذا كانت حكمة الله تعالى – كما يوضح د.المرصفي- قد قضت بأن يستخلف الإنسان في هذه الأرض  ليعمرها على هدى وبصيرة، وأن يستمتع بما فيها من الطيبات والزينة، لاسيما أنها مسخرة له بكل مافيها من خيرات ومعطيات، فإن حب الإنسان لوطنه  وحرصه على المحافظة عليه والإفادة من خيراته، إنما هو تحقيق لمعنى الاستخلاف الذي قال فيه سبحانه وتعالى " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" النور 55.

حب الوطن واجب

وشدد د. المرصفي على أن حب الوطن واجب يقره الشرع ويفرضه الواقع، وأن هذا الحب يجب ألا يظل حبيسا في الصدور ومكنونات النفس، ونحصره في الشعارات والهتافات،وإنما ينبغي أن يترجم إلى واقع ملموس،وأفعال حقيقية تعبر عن صدق الانتماء، وتسهم فعليا في إعلاء مصلحته العليا ونهضته والعمل على رفعته.

 وحب الوطن – كما يحرر مفهومه د.المرصفي-  لايترجم حسب الهوى والمصالح الشخصية، فليس من حب الوطن معاداة أهله الوطن والتآمر عليه، وليس من حب الوطن نهب خيراته وأمواله، وليس من حب الوطن زرع الفتن بين أبنائه ونشر ثقافة الكراهية والحقد والبغضاء والمناطقية والمذهبية بينهم، وليس من حب الوطن أن ابتزازه من أجل مصالح خاصة، وليس من حب الوطن الاستقواء بالخارج، أو التهديد باستخدام ، وليس من حب الوطن التهديد فك عرى وحدته.

 وتابع إن حب الوطن في الإسلام لايعني الانفصال عن جسد الأمة الإسلامية، أونسيان مبدأ الإنسانية فلا ننصر مظلوما، ولا نغيث ملهوفا ولا نعين مكروبا مادام أنه ليس في حدود الوطن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى )) [أخرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير].

الوطنية الحقة

  وواصل قائلا: ليس من الوطنية الحقة خيانة الأمانة أو خيانة المسؤولية أو ظلم الآخرين، وليس مواطنا حقا من يخون الوطن ويسرق وينهب، وليس من الوطنية الحقة الاستخفاف بالمسؤولية أو توظيفها للمصالح الشخصية، وليس من حب الوطن إشاعة الفوضى وقطع الإشارات المرورية وترويع الآمنين ونهب الممتلكات، فهذه ظواهر شاذة لايقع فيها المواطن الصالح الذي رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

وختاما..نسأل الله التوفيق والسداد للدكتور سعد المرصفي لما أفاض به علينا من علم شرعي، راجين المولى تبارك وتعالى له دوام الصحة والعافية، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت