**التشدد والعنف يظهران عندما تغيب قيم الوسطية والاعتدال
** لابد للأمة من العودة إلى دينها وريادتها وخيريتها مهما طال الزمن
** العقل لايصطدم مع النقل الصحيح والشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد
** الأدب والحكمة وصحة القصد وحسن النية واحترام الآخر طهارة السريرة من أسس الحوار
الشيخ محمد حسان واحد من أبرز الدعاة الذين سطع نجمهم في السنوات الأخيرة بخطابه المتميز، ورقته المعهودة، وقدرته على التأثير في مستمعيه، وتركيزه على الجوانب الإيمانية، وقد نجح فضيلته بمزاوجته بين الدراسات الإعلامية ونظيرتها الشرعية في إكسابه قدرة فريدة على البلاغة والبيان، ومهارة بديعة في الإقناع والتأثير.
ولفضيلة الشيخ محمد حسان مئات الدروس والسلاسل العلمية والخطب، والعديد من المصنفات منها حقيقة التوحيد، وخواطر على طريق الدعوة ، وقواعد المجتمع المسلم، والإيمان بالقضاء والقدر ، والثبات حتى الممات ، وأئمة الهدي ومصابيح الدجى، وجبريل يسأل والنبي يجيب ، ومسائل مهمة بين المنهجية والحركية.
ومما زاده رسوخا في العلم والدين، أنه تلقى العلم الشرعي على يد الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد بن صالح بن العثيمين ، والشيخ عبد الله بن الجبرين، والشيخ عبد القادر شيبة الحمد، وبما أفاض الله به عليه من العلم انطلق الشيخ حسان في مناكب الأرض داعية إلى الله، وتعد دولة الكويت إحدى محطاته التي يزورها بين الفينة والأخرى بدعوة كريمة من إدارة الثقافة الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ضمن برامجها التثقيفية والتوعوية التي تستضيف خلالها نخبة من العلماء والمفكرين والأئمة لتوعية الناس بدينهم وبيان عظمته.
الوسطية منهج الإسلام
والشيخ محمد حسان أحد رموز الفكر الإسلامي الوسطي، وفضيلته يرى أن الوسطية هي منهج الإسلام، وأن التشدد والعنف يظهران عندما تغيب قيم الوسطية والاعتدال، وأن أمة النبي صلى الله عليه وسلم هي الأمة الوسط بين جميع الأمم، والرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن للمسلمين أن الإفراط يساوي التفريط، ونهى عن الغلو بكل أشكاله وبخاصة الغلو الفكري والسلوكي، بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة..."، مشددا على أن الوسطية هي منهج حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يدعو بها فيقول في أحد أدعيته: "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر".
التفاؤل وعدم اليأس
التفاؤل والأمل من القيم الجميلة التي يحرص الشيخ حسان على بثها في النفوس، حيث ينظر إلى الأوضاع التي تشهدها الأمة بأنها كالساعات التي تسبق الفجر التي تكون أشد ساعات الليل سواداً، وأن الفجر يأتي بعده نوراً، ومن ثم فالأمة في حال مخاض ولا ينبغي أبداً أن تيأس أو تقنط، مشيرا إلى أن الأمة بأزمات طاحنة، وقد انتُزع الحجر الأسود من الكعبة المشرفة على أيدي القرامطة، وظل بعيداً عن الكعبة واحداً وعشرين عاماً، وها هو الحجر قد عاد.. وقد منعت صلاة الجماعة أربعين يوماً وسفكت الدماء، ومزقت الأشلاء، وعادت صلاة الجماعة.. كما منعت صلاة الجماعة في المسجد الأقصى واحداً وتسعين عاماً، وها هم إخواننا الآن يصلون في المسجد.. فلا ينبغي أن نيأس، ويجب أن نعلم تماماً أننا أصحاب الحق وغيرنا على الباطل، ولابد للأمة من العودة إلى دينها وإلى ريادتها وخيريتها مهما طال الزمن.
الدعوة والفتوى
وواضعا النقاط على الحروف، يفرق الشيخ حسان بين الدعوة إلى الله والفتوى، فالدعوة إلى الله عز وجل يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم : "بلغوا عني ولو آية.. وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، ويجب على من يتصدر للدعوة أن يكون على علم وفهم وخلق، وأن يكون حكيماً ليناً مؤدباً متواضعاً، فقد قال الله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (آل عمران:159)، والمشكلة أن بعض شبابنا يخلط بين مقامي الفتوى والدعوة، فمقام الدعوة هو اللين وفي ذلك يقول الله تعالى موجهاً سيدنا موسى وأخاه هارون في دعوتهما لفرعون: ( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) 44(طه)، قال قتادة: يا رب ما أحلمك تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً، فإن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبد قال: سبحان ربي الأعلى؟.
ويدعو الشيخ حسان الشباب إلى التعامل مع المدعوين على انهم نفوس بشرية فيها الإقبال والإدبار، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، فلابد أن نكون على بصيرة بمفاتيح هذه النفس لنتغلغل إلى أعماقها.. ولن نستطيع أبداً أن ندخل إلى أي نفس بشرية لنبلغها دين الله إلا بالحب والأدب والتواضع والحكمة واللين والرحمة، وهذه أصول المنهج الدعوي الذي ربى عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه.
أما الفتوى – كما يوضحها الشيخ حسان - فلها رجالها، فالمفتي لابد أن يكون عالماً بكتاب الله، عالماً بالعام والخاص، وعالماً بالناسخ والمنسوخ، فلا ينبغي لأحد قرأ كتاباً أو اثنين أو ثلاثة أن يفتي في الحلال والحرام، أو يتوهم أنه أصبح مفتياً ويصدر نفسه للافتاء.. ومن أخطر القضايا التي يفتي فيها المفتون بغير علم.. قضايا التكفير والتفسيق والتبديع.
وشدد الشيخ حسان على ضرورة فهم المفتي للواقع، وعلي وعي عميق بواقع أمته، وبواقع بلده ، وبالواقع الذي يستدعي له دليلاً شرعياً من القرآن والسنة، وبفضل الله إن العقل لايصطدم مع النقل الصحيح، فالشريعة ما جاءت إلا لتحقيق مصالح العباد.
الحوار وأصوله
وحول قيمة الحوار وأهميتها يرى الشيخ حسان أن اختلاف الناس أمر طبيعي و فطري، والناس يختلفون حتى في بصمة الصوت وبصمة اليد وبصمة القدم، ولا تنكاد نرى اثنين متفقين في كل شيء بل لا بد أن نرى هذا التباين والاختلاف، متسائلا:
لكن هل معنى ذلك أيها الأحبة أن نختلف فيم بيننا في أي قضية مطروحة إلى الحد الذي يخرج فيه المتحاورون عن أدب الحوار، معتبرا أن الحوار له أصوله، وأن هذه الأصول وضعها نبينا المختار صلى الله عليه وسلم، وهي تقوم على العدل والأدب والحكمة وصحة القصد وحسن النية واحترام الآخر وعدم إساءة الظن بالآخر وعدم اتهام الآخر وطهارة السريرة والطوية، وعلى جميع المتحاورين التحلي بها.