16 سبتمبر 2024 | 13 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

أ.د. حمد الهاجري: نحن مأمورون بالصبر وحمدِ الله عند هطول المطر الشديد

12 نوفمبر 2018

في أيام معدودات، انقلب الطقس بعد حر ودفء إلى رياح وأمطار، آية أخرى من آيات الله عز وجل، مكررة كل عام، تتجلى فيها قدرة الله تبارك وتعالى، فسبحانه مُغير الليل والنهار، والصيف والشتاء، الصائر إليه كل أمر، ومرحبا بربيع المؤمنين وغنيمة العابدين.
   حول قدوم موسم الأمطار والتغيرات الجوية تحدث فضيلة الأستاذ الدكتور حمد بن محمد الهاجري، الأستاذ في كلية الشريعة - جامعة الكويت، مؤكدا أن المطر من نعم الله على عباده، ففيه وفرة المياه وحياة الأرض، وهذه النعمة كسائر النعم لها آداب يتأدب بها المسلم، تعبدا لله وشكرا لهذه النعمة، فالله تبارك وتعالى رزقنا من الوسائل والامكانات ما نستطيع به اليوم أن ندفع عن أنفسنا برد الشتاء أو آثار المطر.
   إن المطر في أصله خير وبركة، ولقد علمنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه الذِكر عند اشتداد المطر فكان يقول: "اللهم صيبا نافعا"، "اللهم حوالينا لا علينا"، كما علمنا الذِكر عند اشتداد الريح؛ "اللهم إنا نسألك خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، ونعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به".
من الخطأ الجسيم أن يسب الإنسان الدهر، أو الطقس، أو المطر الشديد، أو أي تغير في الأحوال لا يعجبه، مَن الذي خلق البرد والحر والمطر؟ أليس الله عز وجل؟
نحن مأمورون أن نصبر ولا نقول إلا الحمد لله، والمطر الذي يظن المرء أن ضارٌ به، قد يكون نافعا من جهة أخرى، كذلك الريح، قد تأتي بالرحمة أو تأتي بالعذاب، كما ورد في الحديث: "الريح من روح الله، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فلا تسبوها واستعيذوا من شرها" [رواه أبو داود].
  وهكذا، كما قدَّر الله لنا فصل الربيع، والطقس الصحو، والأجواء اللطيفة، ينبغي على المرء أن يحمد الله ويكف لسانه عن التذمر من الفصول الأخرى، ويكف لسانه عما يضره، جميعنا يخطئ أو يقع في أمور لا يحبها الله عز وجل، فتأتي تلك الشدائد والأحوال الطارئة فتكفر عنا بعض السيئات.
   من ناحية أخرى، ينبغي أن ندرك أن دخول فصل الشتاء له منافع جمة، لا يخفى على أحد قول النبي صلى الله عليه وسلم "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة" [أخرجه أحمد]، أي غنيمة بلا جهاد، وقوله: "الشتاء ربيع المؤمن"، فمن حكمة ربنا جل وعلا في تغير الأجواء وتبدل الفصول أن تنشط الأبدان للعبادة، ففي الشتاء يقصُر النهار فيصوم المرء بيسر، دون أن يشق عليه الصوم، ويطول الليل فيقوم منه ما يشاء دون تعب، وكان السلف يفرحون بالشتاء لأن لياليه الطويلة تمكنهم من النوم والراحة، ثم يبقى لهم فيه ما يقومون بين يدي الله، للصلاة والمناجاة والاستغفار.
   وعلى هذا، ينبغي علينا أن ندرك هذه الأوقات الطيبة، وأن نُذكِّر أنفسنا باستغلال هذه الأيام، فالشتاء موسم من مواسم التقرب إلى الله جل وعلا.
   غير أننا ينبغي أن ننتبه للأمور الصحية مع تغير الأجواء، وأن نستعد بما يلزم لمقدم فصل الشتاء حتى لا نصاب بالمرض، لا شك أن المرض أمر قدَّره الله تبارك وتعالى، لكنه يأخذ من وقت الإنسان، ويعيقه عن العمل، وربما يؤخره عن العبادة، وإن كان الأجر مكتوبا إن شاء الله، لكن على الإنسان أن يعمل بالأسباب، والأمر بيد الله عز وجل في النهاية.
   ومع بداية كل موسم للأمطار يكثُر السؤال عن أحكام الشتاء والمطر، وعن مدى طهارة ماء الأمطار المختلط بالأوحال، وعن جواز جمع الصلاة وما إلى ذلك، وفي هذا الصدد، يؤكد فضيلة الدكتور حمد أن ماء المطر طاهر لا نجس فيه، ولا يفسد الصلاة، حتى لو اختلط بأرض ترابية وكوّن مناقع من الطين والأوحال، يظل طاهرا إذا ما أصاب ثوب الإنسان عند الخوض فيه.
   أما فيما يتعلق بجواز جمع الصلوات؛ صلاة الظهر والعصر، وصلاة المغرب والعشاء، أو إقامة الأذان واستبدال نداء "حي على الصلاة" بنداء "صلوا في رحالكم" كما ورد في السُنة، يقول فضيلة الشيخ أنه ينبغي أن يُوكَل الأمر إلى إمام كل مسجد، درء للمشاكل والخلافات التي لا داعي لها، لأن هذه الأحوال الجوية الطارئة قد تتسبب في وقوع الاختلاف بين مؤيد ومعارض، فلا يجوز أن يختلف الناس على الصلاة وتتفرق جماعة المسلمين، فقط على الجميع أن يترك القرار لإمام المسجد، حرصا على الألفة والود بين المسلمين.
كذلك لا يجوز للإمام أن يشق على الناس، خاصة في حالة الريح الشديدة التي قد تؤذي أصحاب الأمراض الصدرية، ما دامت هناك رخصة فليأخذ بها تيسيرا على المسلمين، فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه.
 

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت