20 سبتمبر 2024 | 17 ربيع الأول 1446
A+ A- A
خطبة الجمعة بتاريخ 5 من ذي الحجة 1444هـ - الموافق 23/6/2023م

خطبة الجمعة بتاريخ 5 من ذي الحجة 1444هـ - الموافق 23/6/2023م

23 يونيو 2023

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]،يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا   [النساء: 1]،يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًۭا سَدِيدًۭا ٧٠ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70 - 71]. 

أَمَّا بَعْدُ:

 فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كُلِّ عَامٍ مَوَاسِمَ وَأَيَّامًا فَضِيلَةً،  عَامِرَةً بِالْخَيْرِ وَالْأُجُورِ الْجَزِيلَةِ، يَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا كَثِيرًا مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَتَتَجَلَّى فِيهَا رَحَمَاتُ اللهِ وَنَفَحَاتُهُ الرَّبَّانِيَّةُ، يَسْتَـكْثِرُ بِهَا الصَّالِحُونَ، وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا الْمُقَصِّرُونَ، وَيَتُوبُ فِيهَا الْمُذْنِبُونَ، وَمِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ: يَوْمُ عَرَفَةَ ، وَهُوَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ، الَّتِي فِيهَا الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ غَيْرِهَا.

فَيَوْمُ عَرَفَةَ مِنَ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ تُجَابُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ، وَتُقَالُ فِيهِ الْعَثَرَاتُ، وَيُبَاهِي اللهُ فِيهِ مَلَائِكَتَهُ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ، يَوْمٌ عَظَّمَ اللهُ أَمْرَهُ، وَرَفَعَ عَلَى الْأَيَّامِ قَدْرَهُ. وَهُوَ يَوْمُ إِكْمَالِ الدِّينِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ، وَيَوْمُ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَالْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ.

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

إِنَّ لِهَذَا الْيَوْمِ فَضَائِلَ كَبِيرَةً، وَمَزَايَا كَثِيرَةً، مَيَّزَتْهُ عَنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ، يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا وَيَعْمَلَ بِمَا فِيها، فَمِنْ تِلْكَ الْفَضَائِلِ: أَنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَيَّامِ السَّنَةِ؛ فَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ أَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُولَى مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ  فِيهَا: »مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ [يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ] « رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ  اللهُ عَنْهُمَا [.

وَمِنْ فَضَائِلِ هَذَا الْيَوْمِ: أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَقْسَمَ بِهِ؛ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعَظِيمَ لَا يُقْسِمُ إِلَّا بِعَظِيمٍ، وَعَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ؛ قَالَ تَعَالَى  [البروج:3]، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  : »الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ مِنْهُ؛ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللهَ بِخَيْرٍ إِلَّا اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ، وَلَا يَسْتَعِيذُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أَعَاذَهُ اللهُ مِنْهُ« ]رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ[.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ

يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللهُ فِيهِ الدِّينَ وَأَتَمَّ النِّعْمَةَ؛ فَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ :(جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا!! قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ:    ﱵﱶ  [المائدة:3]. قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ : وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ) ]مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ[.

وَكَذَلِكَ يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ الْمِيثَاقِ؛ فَفِيهِ أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي آدَمَ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  : »إِنَّ اللهَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ - يَعْنِي عَرَفَةَ   فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا«، قَالَ:  ﱣﱤ ﱧﱨ   *   ﱽﱾ ﱿ     [الأعراف: 172- 173]
]رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ[.

عِبَادَ اللهِ

وَمِنْ فَضَائِلِ يَوْمِ عَرَفَةَ: أَنَّهُ يَوْمُ الْمُبَاهَاةِ إِذْ إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ مَلَائِكَتَهُ؛ فَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ:» إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا«  [رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ[.

وَمِنْ فَضَائِلِهِ: أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يَدْنُو فِيهِ مِنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ أَكْثَرُ يَوْمٍ يُعْتِقُ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ؛  فَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنيِنَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ  رَسُولَ اللهِ  قَالَ: »مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟« ]رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَلَقَدْ جَعَلَ اللهُ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ بَلْ هُوَ أَهَمُّهَا؛ قَالَ  »الْحَجُّ عَرَفَةُ«  ]رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ   وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ].

هَذِهِ يَا عِبَادَ اللهِ، بَعْضُ فَضَائِلِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَحَرِيٌّ بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذَا الْيَوْمَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَأَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهَا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَهِيَ وَصِيَّتُهُ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، فَمَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِنَّ لِهَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ أَعْمَالًا يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَقُومَ بِهَا، فَمِنَ الْأَعْمَالِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ - لِغَيْرِ الْحَاجِّ -:
صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ فَعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ  قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ  يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» [رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

وَقَدْ جَاءَ فِي فَضْلِ صِيَامِهِ: أَنَّهُ يُكَفِّرُ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ لِسَنَتَيْنِ؛ فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ  أَنَّ رَسُولَ اللهِ  سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَهَذَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ، وَأَمَّا الْحَاجُّ: فَلَا يُسَنُّ لَهُ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ   كَانَ مُفْطِرًا [رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا].

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِيهِ أَيْضًا: الْإِكْثَارُ مِنَ الدُّعَاءِ،  وَالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ، وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَعَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ  أَنَّ النَّبِيَّ   قَالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ الدُّعَاءَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ... وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجَابٌ كُلُّهُ فِي الْأَغْلَبِ). 

فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَنْ يَدْعُوَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مُوقِنٌ بِالْإِجَابَةِ؛ وَأَنَّ اللهَ لَنْ يَرُدَّ سُؤَالَهُ، وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ الْإِلْحَاحُ عَلَى اللهِ وَالْإِخْلَاصُ بِالدُّعَاءِ، وَإِحْسَانُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ الْكَرِيمِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. 

قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ – رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: (جِئْتُ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَهُوَ جَاثٍ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَسْوَأُ هَذَا الْجَمْعِ حَالًا؟ قَالَ: الَّذِي يَظُنُّ أَنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ لَهُ). 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْحُنَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ، أُولِي الْفَضْلِ الْجَلِيِّ، وَالْقَدْرِ الْعَلِيِّ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كُلَّهَا، دِقَّهَا وَجِلَّهَا، أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا، عَلَانِيَتَهَا وَسِرَّهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَهَيِّئْ لَهُمَا بِطَانَةً صَالِحَةً تَدُلُّهُمَا عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمَا عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

معرض الصور

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت