خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 11 من ربيع الآخر 1447هـ الموافق 3 /10 / 2025م
نِعْمَةُ الإِسْلَامِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]، )يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء:1] وَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَعْظَمَ الْمِنَنِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَأَجْلَى النِّعَمِ عَلَى سَائِرِ الْأَنَامِ: مَا امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا إذْ هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ، فَتِلْكُمْ وَاللَّهِ النِّعْمَةُ الْعُظْمَى وَالْمِنَّةُ الْكُبْرَى وَالشَّرَفُ الْأَعْلَى، قَالَ تَعَالَى: )يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( [الحجرات:17]، وَعَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الْخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعُجْمِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا: أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ]، وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ].
عِبَادَ اللهِ:
وَلِعَظِيمِ هَذِهِ النِّعْمَةِ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَذَاكَرُونَهُا فِي مَجَالِسِهِمْ وَيَحْمَدُونَ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أَجْلَسَكُمْ؟» قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: «آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟» قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: «أَمَا إنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهَمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ».
نَعَمْ، كَيْفَ لَا يَتَذَاكَرُونَ نِعْمَةَ الْهِدَايَةِ لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ الدِّيْنُ الْقَوِيمُ، الْمُوصِلُ إلَى جَنَّاتِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ دِيْنُ الْفِطْرَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: )فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ( [الروم:30]، وَهُوَ الدِّينُ الْمَرْضِيُّ الْمَقْبُولُ عِنْدَ رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، قَالَ تَعَالَى: )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ([آل عمران:19]، دِينٌ أَكْمَلَهُ اللَّهُ وَأَتَمَّهُ وَرَضِيَهُ ) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ([المائدة:3]، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ سِوَاهُ بَعْدَ بِعْثَةِ النَّبِيِّ r، )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ( [آل عمران:85]، هُوَ خَيْرُ الْأَدْيَانِ وَأَفْضَلُهَا، وَالنَّاسِخُ لَهَا وَالْمُهَيْمِنُ عَلَيْهَا، مَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ وَاتَّبَعَ سَبِيلَهُ حَقَّقَ الْفَضَائِلَ وَالْخَيْرَاتِ، وَضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ الْأُجُورَ وَالحَسَنَاتِ، وَجَعَل لَهُ الْأَنْوَارَ وَأَنْوَاعَ الْمَسَرَّاتِ، قَالَ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( [الحديد:28]، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إسْلَامَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا».
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
احْمَدُوا رَبَّّكُمْ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ وَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَاعْرِفُوا لَهَا قَدْرَهَا، افْتَخِرُوا بِهَا وَارْفَعُوا بِهَا رَأْسًا، أَظْهِرُوا الْإِسْلَامَ فِي أَعْمَالِكُمْ وَأَقْوَالِكُمْ، وَكُونُوا مَعَهُ فِي حَرَكَاتِكُمْ وَسَكَنَاتِكُمْ، وَعِيشُوا بِهِ فِي بُيُوتِكُمْ وَأَسْوَاقِكُمْ وَمَجَالِسِكُمْ، افْرَحُوا بِهِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى إذْ يَقُولُ: )قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ( [يونس:58] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «فَضْلُهُ: الْإِسْلَامُ، وَرَحْمَتُهُ: الْقُرْآنُ».
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَن لَّا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الْإِسْلَامَ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ: هُوَ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السُّنَنِ وَالْأَوَامِرِ وَالْآثَارِ؛ كَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ، وَتَوْحِيدِهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَالِانْقِيَادِ لِطَاعَتِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ وَأَوَامِرِهِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ.
فَالْإِسْلَامُ هُوَ الدِّينُ الصَّافِي عَنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ، وَكُلُّ مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ لَيْسَتْ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ سُنَّتِهِ r فَقَدْ رَغِبَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ الْإِمَامُ الْبَرْبَهَارِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (اعْلَمُوا أَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ السُّنَّةُ، وَالسُّنَّةُ هِيَ الْإِسْلَامُ، وَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِالْآخَرِ)، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْإِسْلَامِ الْحَقِّ الَّذِي نَزَلَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ r عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّاسِ بِسَبَبِ انْتِشَارِ الْبِدَعِ وَالطُّرُقِ الْمُحْدَثَةِ، فَالنَّاسُ فِي إسْلَامِهِمْ يَتَفَاوَتُون بِتَفَاوُتِهِمْ فِي تَمَسُّكِهِمْ بِالسُّنَّة وَالسَّبِيلِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (هَذَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي وَصَّانَا بِاتِّبَاعِهِ: هُوَ الصِّرَاطُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ قَصْدُ السَّبِيلِ، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ مِنَ السُّبُلِ الْجَائِرَةِ)، وَقَالَ التَّابِعِيُّ الْكَبِيرُ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (تَعَلَّمُوا الْإِسْلَامَ، فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلَا تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَإِنَّهُ الْإِسْلَامُ، وَلَا تُحَرِّفُوا الصِّرَاطَ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ).
قَالَ الْإِمَامُ الْآجُرِّيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (عَلَامَةُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا: سُلُوكُ هَذَا الطَّرِيقِ؛ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَنِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ).
فَاجْتَهِدُوا عِبَادَ اللَّهِ فِي التَّمَسُّكِ بِالْإِسْلَامِ الصَّافِي النَّقِيِّ عَنْ شَوَائِبِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ، تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَلَيْهِ صَحَابَتُهُ الْمَرْضِىُّونَ، حَتَّى يَتَوَفَّاكُمُ اللَّهُ وَأَنْتُمْ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( [آل عمران:102]، رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الصَّفَا يَدْعُو وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ) ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ أَن لَّا تَنْزِعَهُ مِنِّي، حَتَّى تَتَوَفَّانِي وَأَنَا مُسْلِمٌ)، وَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْتُ مَسْرُوقًا -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: (اللَّهُمَّ لَا أَمُوتُ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ r وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ».
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَلْهِمْنَا شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَدَوَامَ عَافِيَتِكَ، وَجَنِّبْنَا فُجَاءَةَ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعَ سَخَطِكَ، وَبَارِكِ اللَّهُمَّ لَنَا فِي أَوْقَاتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَأَوْلَادِنَا وَأَزْوَاجِنَا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْإِيمَانِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة